الأثر الدلالي لنظرية الأصل والفرع في حروف المعاني عند عبد القاهر الجرجاني(ت471هـ أنموذجًا) (حروف الجر(مِن، وإلى، وفي، والباء، واللام)

نشأ مفهوما الأصل والفرع بنشوء اللُّغة العربيَّة وتدرَّجا معها في مراحل تطورها المختلفة حتى نضجا كنظرية لغويَّة مميزة لها من سائر اللُّغات الإنسانيَّة، وقوام تلك النَّظرية بيان سمات كافة مستويات اللُّغة، وتميزه الفرع الذي لحِق به أو حُمِل عليه تبعا للاستقراء القياس العقلي اللذين تمخض عنهما علة تتعلق بسماته غير المكتملة المناقضة المشاكلة للأصل. ويبدو أنَّ تأثير هذه المهمة لم يقتصر على القضايا اللُّغويَّة العامَّة، بل تغلغل دقائقها وجزئياتها، فكان أثر واضح قضايا الاشتقاق والصِّحة والاعتلال والادغام والهمز والاعراب والبناء والعوامل النَّحويَّة اختلاف أنواعها، مما شجَّع المهتمين بالشَّأن اللُّغويِّ إلى الاهتمام بها، وتسليط الضَّوء أسباب نشوئها وتكاملها، وعدها سمة حيوية وديمومتها. ويمكن للمتتبع أنْ يلحظ هذا يكن مقتصرًا جيل دون علماء العربيَّة، فقد شخَّصها الأوائل منهم بعد عملية الجمع والاستقراء والاستنباط، فذكرها الخليل(ت175هـ)، وتابعه اللُّغويُّون والنُّحويُّون الحديث عنها، وتثبيت أسسها وصلت لرائد علم البلاغة ومؤسسها عبد القاهر الجرجاني(ت471هـ)؛ ليوظِّفها بدوره تأييد نظرية النَظم مستدلًا بها ترابط المعاني المظهرة لجمالية النَّصِّ اللُّغويِّ، ولاسيما النَّص القرآني . ومما تلحظه الباحثة الجرجاني ركني تابع جهود سبقه العلماء، إلا أنَّه وظَّف كلَّ اساليب الاستدلال؛ لإثبات صحة ما توصل إليه وجودها وأثرها وكيفية توظيفها وضع القواعد العامَّة والخاصَّة بكلِّ موضوعات حروف وإن تكن هدفه الأساس البحث، أطَّرها ووضَّح أجل ذاتها.